المهمشون في تعز.. بين قسوة الحرب وفرحة عيد مؤجلة

رواها 360 _ محمد بن القادري:

بينما يستعد سكان مدينة تعز لاستقبال عيد الفطر هذا العام، يقف المهمشون، وهم الفئة الأكثر ضعفاً في المجتمع، أمام واقع أكثر قسوة، إذ تحاصرهم تداعيات الحرب المستمرة منذ أكثر من عقد، وتثقل كاهلهم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتدهورة.

حياة المهمشين.. معاناة يومية

يعيش أفراد هذه الفئة، المعروفة محلياً بـ«الأخدام»، في مساكن بدائية تفتقر إلى الخدمات الأساسية، بينما يعتمد غالبيتهم على أعمال هامشية ذات دخل محدود.

محمد غانم (34 عاماً)، أحد المهمشين من سكان مدينة تعز، يقطن في خيمة صغيرة مع اطفاله الخمسة، ويخرج مع طفلته الكبيرة نعمة (13 عاماً) لجمع قوارير البلاستيك من مكبات النفايات منذ ساعات الصباح الأولى، سعياً وراء لقمة العيش.

يقول محمد لـ”رواها”: “نعمل منذ الفجر حتى منتصف النهار، ثم نعود لنبيع ما جمعناه. لا خيار أمامنا سوى هذا العمل لتوفير الحد الأدنى من احتياجات أطفالنا”.

أما في الأرياف، فالوضع لا يختلف كثيراً، إذ يعتمد المهمشون على أعمال شاقة، مثل البناء وجرف الطين، مقابل أجر يومي زهيد.

توحيد هائل (35 عاماً)، من مديرية المواسط، يعمل ليلاً في مواقع البناء، ويقول: “رغم صعوبة العمل، فإنه يظل مصدر دخلنا الوحيد، ونأمل أن يستمر دون انقطاع حتى نتمكن من توفير قوت يومنا”.

رمضان والعيد.. مواسم للحرمان

ومع حلول شهر رمضان، تتفاقم معاناة هذه الفئة، إذ تعيش معظم الأسر على وجبة واحدة يومياً، فيما يضطر الأطفال إلى التسول لتأمين احتياجاتهم الأساسية، حسب شهادات جمعها “رواها360”.

مختار سعيد سيف، ناشط حقوقي من فئة المهمشين، يصف لـ”رواها”، واقعهم قائلاً: “نحن نعيش خارج دائرة الاهتمام، محاصرين بالفقر والحرمان. رمضان والعيد لا يحملان لنا سوى المزيد من المعاناة، إذ نعجز عن تأمين الطعام والملابس لأطفالنا”.

ويضيف سيف: “بينما تحتفل الأسر الأخرى بالعيد، يجد أطفالنا أنفسهم محرومين حتى من أبسط مظاهر الفرح، فلا ملابس جديدة ولا ألعاب”.

عيد بلا فرحة

في الأحياء المهمشة، يمر العيد كأي يوم آخر، حيث يواصل كثير من أفراد هذه الفئة أعمالهم المعتادة، ولا يقومون بإرتداء الملابس الجديدة. يقول توحيد هائل: “ارتفاع أسعار الملابس جعل شراءها أمراً مستحيلاً، فقد بلغ سعر البدلة الواحدة للطفل 30 ألف ريال، وهو مبلغ يفوق قدرتنا”.

محمد غانم، الذي بدا عليه الحزن، يؤكد أنه سيعيد تدوير ملابس أطفاله القديمة كما فعل في السنوات الماضية، بينما تقول ابنته نعمة بابتسامة طفولية: “لا يهمني إن كانت ملابسي جديدة أم قديمة، الأهم أن أخرج للعب وأسمع تكبيرات العيد”.

خارج حسابات الإغاثة

رغم الأوضاع المأساوية التي تعيشها هذه الفئة، فإنها لا تزال مستبعدة من العديد من برامج الإغاثة. عبد الغني عقلان، أحد أبناء هذه الفئة في تعز، يقول لـ”رواها”: “نحن نتمسك بالصبر والتكاتف، لكن المساعدات التي تصلنا محدودة، وأحياناً يتم تجاهلنا بحجج واهية”.

من جهته، يؤكد نعمان الحذيفي، رئيس الاتحاد الوطني للمهمشين السود باليمن، أن هذه الفئة تواجه إستبعادًا غير مبرر من قبل المبادرات الإنسانية والإغاثية في توزيع المساعدات الإنسانية، رغم تصاعد أزمتها.

ويقول الحذيفي في تصريح خاص لـ”رواها360″: “نعمل في الاتحاد العام للمهمشين على الضغط من أجل إدماج هذه الفئة في كافة البرامج الإغاثية، فحرمانهم من المساعدات يفاقم معاناتهم ويجعلهم أكثر عرضة للجوع والمرض”.

ورغم كل التحديات، يبقى الأمل معلقاً بجهود المنظمات الإنسانية والمجتمع المدني لتوفير الدعم اللازم لهذه الفئة، التي لا تزال تدفع ثمناً باهظاً للحرب والفقر والتهميش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى